خبراء اقتصاديون: الأزمة المالية الحالية هي الأسوأ في تاريخ السودان
السودان اليوم :
قال محللون اقتصاديون إن الأزمة التي تشهدها البنوك السودانية بالعاصمة الخرطوم هذه الأيام هي مقاطعة غير معلنة من العملاء وإحجاماً عن إيداع أي مبالغ مالية في حساباتهم ، وقال موظفون في البنوك لـ(كوش نيوز) إن هذه المقاطعة غير المعلنة بدأت منذ صدور قرار تحجيم السيولة في الشهر المنصرم .
وقال موظف بنكي إن هذه المقاطعة ربما سببها يعود إلى تخوف العملاء من إيداع أموالهم في البنوك وعدم حصولهم عليها فى الوقت المناسب، إضافة إلى تخوفهم من الانهيار المصرفى وفقدان كل مدخراتهم بصورة نهائية حيث ضربت الأسواق موجة غلاء أدت إلى هروب المواطنين عن السوق، رغم إقترب الشهر الفضيل ، وعزا التجار الأمر لنقص كبير في بعض السلع الاستراتيجية خاصة المستوردة، وحمل التجار الحكومة أسباب انفلات الأسعار لتسببها في إيقاف الاستيراد بقرار من البنك المركزي بجانب زيادة سعر الدولار الجمركي.
وعبّر عدد من المواطنين عن تذمرهم الشديد من الانفلاتات التي حدثت في أسعار السلع الاستراتيجة مؤخراً ،حيث قفز سعر جوال السكر كنانه (50) كيلو إلى (1250) جنيهاً بينما سجل سعر جوال المستورد نفس الكمية (1150) جنيهاً وسجلت جركانة الزيت (36) رطل (850) جنيهاً بينما إرتفع سعر كيس لبن البودره 2 كيلو وربع (480) جنيهاً وشهدت أسعار اللحوم زيادة غير مسبوقه فيما إرتفع سعر كيلو الضأن إلي (170) جنيهاً والعجالي (140) جنيهاً .
ووصف المستهلكين الزيادات بالمبالغة فيها ، وقال المواطن خضر ضو البيت بالشارع العام إن الأزمة الاقتصادية أوقعت الكثير من المشكلات بين الأسر السودانية نتيجة لصعوبة الحصول على لقمة العيش التي أصبحت تؤرق فئات المجتمع مع كثرة العطالة وقلة الرواتب مع إنعدام شبة كامل للحوافز والبدلات التي كان يتلقاها العاملين بالمؤسسات بالقطاعين العام والخاص ،من ما أدى إلى تفاقم الأزمة بصورة غير متوقعة ، مشيراً إلى أن الحكومة فقدت السيطرة تماماً على السوق، من جانبه قال التاجر الطيب حسن بمراكز البيع المخفض بسوق السجانة إن هنالك نقص كبير في السلع الأساسية بالسوق نتيجة لتقليل الحصة التي كانوا يتلقونها من وزارة المالية بولاية الخرطوم ، وطالب التجار بدعم السلع للسوق لتقليل العبء على المواطنين خاصة مع الزيادات التي طرأت على السلع في الفترة الأخيرة ، من جانبه استبعد التاجر علي فضيل صاحب سوبر ماركت ببحرى أن يكون التجار السبب الرئيس في زيادة الأسعار وأرجع زيادة السلع لزيادة أسعار لترحيل والضرائب والإيجارات ، لافتاً إلى أن هنالك زيادة كبيرة على السلع من مناطق الإنتاج ، و نبه كلما انخفضت الأسعار في مناطق الإنتاج تنخفض أسعارها بالسوق وتكون أخف قدراً على المواطنين.
واشتكى التاجر فيصل ، من قلة الطلب على بضائعهم وعدم إقبال المواطنين على الشراء ، مقارنة مع ما كان عليه من قبل ،مشيرين إلى أن الوضع بالسوق يعاني شبه الركود وأن حركة البيع ضعيفة للغاية ، وانتقد مفهوم بعض المواطنين وتحميل التجار مسؤولية ارتفاع الأسعار واتهامهم بالجشع ، وأعتبر هذا أمر غير صحيح وحملّ بدوره الوضع الاقتصادي الراهن مسؤولية ارتفاع الأسعار، وزاد «نحن أيضاً ضحية للوضع الاقتصادى الحالى وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار، ووصف المراقبين الأزمة بالأولى من نوعها ودعا عدد منهم القطاع الاقتصادى بالبلاد للتدخل العاجل وحسم فوضى التجار لمنع التلاعب بحياة الناس .
إلى ذلك وصف اقتصاديون وخبراء الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد بأنها الأسوأ، وأكدوا أن ما يحدث الآن من انكماش اقتصادي وفوضى مع انعدام للرؤية لدى الحكومة لم يحدث على الإطلاق في تاريخ السودان ، وأكد الخبير الاقتصادي عصام الدين بوب أن الاحتياطي من الدولارات لدى الدولة لايكفي لتغطية أسبوع واحد من احتياجات البلاد وربط الأمر بتأخير سداد البعثات الدبلوماسية بالخارج ، وأكد أن كل شي أصبح متوقفاً بالبلاد خاصة حركة الاستيراد والتصدير والاحتياجات الحيوية الضرورية مثل الدواء والتجارة كلها متوقفة ، وأضاف قائلاً : (ميزانية وزير المالية انتهت الآن إلى لاشي ولا توجد رؤية لدى بنك السودان ولا وزارة المالية الكل منتظراً ) وقال بوب في تصريح لـ(كوش نيوز) إن انفلات الأسعار كان متوقعاً و من الضرورى أن يحدث لأسباب كثيرة منها الأزمة المالية ووقف حركة الاستيراد بجانب ضعف الصادرات وكثرة الواردات ،موضحاً أن هنالك قلة في المعروضات من السلع بعد توقف حركة الاستيراد التي أدت إلي إيقاف وارد السلع الاستراتيجية المستوردة من الخارج و بالتالي انعدام السلع وزيادة أسعارها ، وتحدث الندرة، ودعا الحكومة متمثلة في القطاع الاقتصادي إلى تدابير عاجلة يمكن أن تحد من تداعيات الأزمة، وأرجع المواطنين الأمر للغياب التام للجهات المسؤولة عن معاش الناس.