JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

السودان تواجه أزمة اقتصادية خانقة تكشف عن حجم أزمة النظام السياسية

السودان تواجه أزمة اقتصادية خانقة تكشف عن حجم أزمة النظام السياسية

السودان تواجه أزمة اقتصادية خانقة تكشف عن حجم أزمة النظام السياسية



اكملت أزمة شُح الوقود والمواد البترولية في السودان أسبوعها السادس علي التوالي واصبح من المعتاد ان تنتظر السيارات وعربات النقل في صفوف طويلة امام محطات الوقود حتى أوقات متأخرة من الليل وتصل الي فجر الْيَوْمَ الثاني من اجل الحصول من الوقود، والذي وضعت السلطات حداً اقصى لبيعه من المحطات الرسمية يقدر ب (215 جنيه سوداني وهو ما يعادل 5.6 دولار).
وتسببت الازمة في ارتفاع جنوني في تعريفة المواصلات علي كافة الخطوط الداخلية والسفرية متسببا في تكدس المواطنين في مواقف المواصلات او السير علي الاقدام بسبب انعدام سيارات النقل. وبلغت الأزمة حد الانعدام التام للوقود في الولايات الطرفية والمناطق خارج العاصمة توقفت بسببها طواحين الغذاء ودوانكي المياه. حيث تشهد عدد من الاقاليم ازمة مياه حادة بسبب انعدام الجازولين. وتهدد ازمة انعدام الوقود فعليا بفشل الموسم الزراعي الذي يعتمد عليه غالبية سكان السودان في توفير غذائهم اليومي.
وتشهد محطات الوقود وجود أمني مكثف لقوات الشرطة وقوات مكافحة الشغب وجهاز الأمن والمخابرات لإجهاض اَي حراك احتجاجي يشعل شرارته غضب المواطنين في صفوف الانتظار الطويلة. وبينما لم تعلن السلطات عن اَي زيادة رسمية في أسعار الوقود فان تسرب المواد البترولية الي السوق الأسود والمتاجرة بها رفع اسعارها خارج محطات الوقود الي مبالغ خرافية وصلت الي ٦٠٠ جنيه (١٦ دولار) للجالون الواحد. وكما تشهد الأسواق ارتفاعا كبيرا في اسعار السلع الغذائية حيث بلغ سعر جوال السكر زنة ٥٠ كيلو مبلغ ١٤٠٠ جنيه وعبوة زيت الطعام زنة ٤ لتر ونصف مبلغ ٢٣٠ جنيه هذه كنماذج، وبدأ السوق يعاني كسادا حقيقيا نسبة لتدني القوي الشرائية وتراجع مداخيل المواطنين مع تراكم الأزمات في كل مجالات الحياة في السودان

وتأتي أزمة الوقود كانعكاس مباشر للازمة الاقتصادية والتي برزت مظاهرها بشدة في ميزانية العام ٢٠١٨. أدى اعلان الميزانية الي إشعال احتجاجات جماهيرية، اعتقلت جراءها السلطات الأمنية معظم القادة والناشطين السياسيين في لفترة امتدت الي ثلاثة أشهر. وايضاً وردت مظاهر الأزمة الاقتصادية على لسان عدة المسئولين الحكوميين ابرزهم وزير الخارجية السابق (ابراهيم غندور) الذي اشتكى علنا للبرلمان من عدم مقدرة السلطات المالية توفير تكلفة عمل البعثات الخارجية وهي التصريحات التي أدت الي اقالته من منصبه مباشرة في الْيَوْمَ التالي لتلك التصريحات . كما صرح نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بكري حسن صالح ،أيضا للبرلمان، بعجز حكومته عن توفير الميزانية المطلوبة لصيانة مصفاة المواد البترولية حتى تتمكن من العمل للمواجهة احتياجات البلاد من الوقود. كما نقلت الصحف عن وزارة الصناعة ان صناعات كبيرة في طريقها للتوقف بسبب انعدام الكهرباء والوقود ، مثل صناعة الاسمنت . ايضاً ظهرت مظاهر الأزمة في اعلان وزير النقل والمواصلات عن افلاس شركة الخطوط الجوية السودانية وتسريح معظم العاملين بها الذين يبلغ عددهم ٢٠٠٠ عامل وموظف وطيار. وفى بورتسودان ، الميناء الرئيس للسودان ، شهد هذا الأسبوع بيع اخر سفينة من أسطول شركة الخطوط البحرية السودانية، بالاضافة الي اندلاع مظاهرات عارمة في احتجاجا على خطط الحكومة الى حل الجمعيات التعاونية لعمال الشحن و التفريغ و إستبدالها بشركات خاصة. هذا إضافة لإتجاه الحكومة الى إيجار الميناء لشركات أجنيبية لإدارتها مما يعنى الإستغناء عن العمالة التى تعمل حاليآ بالميناء .
إن اكثر ما يزيد حدة أزمة الحكومة الإقتصادية و السياسية الحالية هو انسداد افق الحلول المؤقتة التى برعت الحكومة في اللعب على حبالها لتجاوز ازماتها المتكررة. فذقد إعتادت الحكومة في السابق على التسول الدبلوماسي من خلال التنقل في مواقفه في السياسة الخارجية بين المعسكرات الإقليمية والدولية المختلفة فى مقابل الدعومات المادية والعينية للخروج المؤقت من الازمات الاقتصادية. الا ان تقلبات السريعة والمتتالية لمواقف النظام السوداني هذه المرة بين المعسكر القطري – التركي – الإيراني و المعسكر السعودي – الإماراتي الذي يقود معارك عاصفة الحزم في اليمن ، أدى الي فقدان الثقة في الحكومة السودانية كحليف موثوق ويمكن الاعتماد عليه، بما أدى الي عدم مخاطرة اَي من هذه الدول بدعم الحكومة للخروج من أزمتها الحالية تحسبًا لتغيير مواقفها ومساندة المعسكر الاخر.
على صعيد ذى صلة، يعاني النظام من صراعات داخلية شديدة تنهش في جسده من الداخل. فقد أطلقت عودة الفريق صلاح قوش الي الجهاز التنفيذى و تقلده لمنصب رئاسة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، حملة تصفيات شرسة للجناح المناوي له الذي يقوده نافع علي نافع تحت ستار شعار مكافحة الفساد. وصلت هذه الحملة الي اعتقال مدير قسم الأمن السياسي المشهور ببطشه في تعذيب المعارضين للنظام (عبدالغفار الشريف) والذي يعتبر ابرز الوجوه الأمنية في جناح نافع. وامتدت هذه الحملة للشركات الأمنية التي تساند جناح نافع وعبدالغفار وتحتكر قطاعات واسعة فى الاقتصاد السوداني. الا أن قوش سيواجه بسؤال حرج في مواجهته لهذا الجناح عن كيف سيتعامل مع المليشيات الحكومية وخصوصا مليشيا قوات الدعم السريع التي تعتبر صنيعة جناح نافع بعد ان ازدادت أهميتها بالنسبة للنظام الذي يستخدمها في اداء الأدوار الإقليمية مثل المشاركة في الحرب في اليمن وتنفيذ خطط الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة من افريقيا وخوض الحروب الأهلية في مناطق الحرب الأهلية فى دارفور الكبرى وجنوب كردفان و النيل الأزرق . وتزداد حدة الصراع الداخلي في المؤتمر الوطني حول اعادة ترشيح البشير بعدما اصبح وجوده عبئا علي النظام وعلي الحركة الإسلامية. وبينما يفضل الإسلاميون بقيادة نافع علي نافع وامين حسن عمر واخرين من قيادات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني الدفع بمرشح اخر في انتخابات ٢٠٢٠، لإنقاذ وجودهم على مقاعد الحكم، يتمسك الجناح التنفيذي ببقاء البشير بشدة وابرز وجوه هذا الجناج هم علي عثمان محمد طه وصلاح قوش ويستند أيضا الي الحليف الإسلامي الاخر المؤتمر الشعبي الذي يساند علناً بقاء البشير.
الاسمبريد إلكترونيرسالة